حملة وطنية تطالب بوقف “أبطال التفاهة”... غضب شعبي يجرّ صناع المحتوى المسيء نحو المساءلة القانونية
تشهد الساحة الرقمية في المغرب خلال الأسابيع الأخيرة موجة غير مسبوقة من الجدل، بعد أن أطلق نشطاء حملة وطنية واسعة تطالب بوضع حدّ لما أسموه بـ "أبطال التفاهة"، وهم مجموعة من صناع المحتوى الذين أثاروا استياءً عامًا بفيديوهات ومقاطع تتضمن إساءة للغير، تهجماً لفظيًا، محتوى غير لائق، وتشهيراً بالأشخاص.
وتحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى فضاءٍ مفتوح للنقاش، وسط دعوات متصاعدة لمحاسبة كل من كميطة، ندى حاسي، "فقيه الزواج"، وإلياس المالكي. وقد اعتبر المحتجون أن ما يقدمه هؤلاء يشكّل “تجاوزًا صارخًا للقيم الأخلاقية وللقوانين المنظمة للمجال الرقمي”، داعين السلطات إلى التدخل لحماية المجتمع، خصوصًا فئة الشباب.
تحرك شعبي غير مسبوق ضد التفاهة الرقمية
انطلقت الحملة من صفحات فيسبوك وتويتر قبل أن تتحول إلى نقاش وطني واسع تحت وسم:
#أوقفوا_التفاهة و #حاسبوا_المحتوى_المنحط
وحسب منظمي الحملة، فإن الهدف ليس التضييق على حرية التعبير، بل إعادة الاعتبار للمحتوى الهادف، وإنهاء حالة الانفلات الأخلاقي التي تعرفها بعض المنصات.
ويؤكد الكثيرون أن هذه الظاهرة باتت “تغزو حياة الشباب، وتكرس صورة مشوهة عن المجتمع المغربي”.
لماذا التركيز على هؤلاء بالذات؟
1. كميطة
ارتبط اسمه بمحتوى صدامي قائم على السخرية والتجريح، تضمن في مناسبات عدة سبًّا علنيًا وتشهيرًا بأشخاص.
2. ندى حاسي
تواجه انتقادات لاذعة بسبب ما يصفه المتابعون بـ “محتوى يعتمد على الإثارة الرخيصة”، إضافة إلى بث مباشر يحوي إيحاءات لا تليق بالفضاء العام.
3. “فقيه الزواج”
أحد أكثر الأسماء إثارة للجدل، بعد تقديمه محتوى “نصائح زوجية” وُصف بأنه مهين للمرأة ومنافي للقيم الأسرية، مع استخدام عبارات غير محترمة.
4. إلياس المالكي
ورغم شهرته الكبيرة، يُتهم بتقديم أسلوب هجومي يعتمد على الإهانة والتهكم والسخرية السوداء في بثوث مباشرة يتابعها آلاف الشباب.
هذه الأسماء أصبحت رمزًا لخطاب العنف اللفظي، الانحطاط الأخلاقي، وت normalisation التفاهة.
الشارع الرقمي يطالب بالقانون
يصر ناشطو الحملة على ضرورة تطبيق القانون 22.20 وقانون محاربة العنف الرقمي، خاصة البنود المتعلقة بـ:
- التشهير بالأشخاص
- نشر محتوى يحض على الكراهية أو الإيذاء
- الإساءة إلى الحياة الخاصة
- توجيه السبّ والقذف العلني
ويؤكد محامون أن أي محتوى يتضمن سبًا مباشرًا أو تشهيرًا “يمكن أن يجر صاحبه للمساءلة الجنائية على الفور”.
خبراء: ما يحدث ليس "حربًا على المؤثرين" بل حماية للمجتمع
يرى عدد من المختصين في علم الاجتماع الرقمي أن الأزمة الحالية تعكس فشلًا في ضبط المفاهيم الجديدة للمحتوى الرقمي، وأن ظهور “مؤثرين بلا قيمة مضافة” جاء نتيجة:
- ضعف الوعي الإعلامي.
- غياب التربية الرقمية داخل الأسر والمدارس.
- خوارزميات المنصات التي تُعلي من شأن المحتوى المثير للجدل.
- بحث بعض الشباب عن الربح السريع دون اعتبار للجانب الأخلاقي.
ويشير هؤلاء إلى أن الظاهرة ليست مغربية فقط، بل عالمية، لكنّ خطورتها تكمن في تأثيرها المباشر على القيم والسلوك العام.
هل ستتحرك السلطات؟
الحملة المتصاعدة دفعت العديد من الفاعلين الحقوقيين للمطالبة بتدخل واضح من النيابة العامة، خصوصًا بعد ورود شكايات فردية وجماعية تتعلق بـ:
- التحريض
- السبّ والقذف
- التشهير
- نشر محتوى غير لائق
- التأثير السلبي على القُصّر
ووفق مصادر إعلامية، تدرس بعض الهيئات القانونية إمكانية رفع دعاوى ضد صناع المحتوى المسيء، خاصة أن المقاطع موضوع الجدل لا تزال متداولة وبشكل واسع.
دعوة لإنقاذ المحتوى المغربي
من جهة أخرى، يدعو مثقفون وصناع محتوى محترفون إلى خلق بديل حقيقي، عبر دعم:
- المحتوى التعليمي
- المحتوى التربوي
- المحتوى الفني والثقافي
- قصص النجاح
- التوعية المجتمعية
ويؤكدون أن المعركة ليست ضد أشخاص بعينهم، بل ضد منظومة كاملة تكرس الابتذال.
خاتمة: لحظة مفصلية في تاريخ المحتوى المغربي
ما يحدث اليوم ليس مجرد حملة عابرة، بل تعبير صريح عن وعي جماعي يتشكل.
ويرى مراقبون أن الضغط الشعبي قد يشكل بداية مرحلة جديدة لتنظيم الفضاء الرقمي في المغرب، حيث لن يكون بإمكان أي مؤثر — مهما كانت شهرته — تقديم محتوى مسيء دون محاسبة.
فالمجتمع اليوم لم يعد يقبل أن يُختزل في “مشاهد ضحك رخيص” أو بثوث مليئة بالسب والشتم.
إنها دعوة لإعادة الاعتبار للأخلاق، للقانون، ولصورة المغرب الرقمية.
