الإمارات تدعم مبادرة الحكم الذاتي: رؤية واقعية تعكس عمق الشراكة المغربية الإماراتية
مساندة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب لحل قضية الصحراء، لم تكن مجرد إعلان موقف سياسي، بل تجسيدًا لرؤية عربية متبصّرة تؤمن بأن الحلول الواقعية والعقلانية هي الطريق الأنجع لضمان الاستقرار والتنمية في المنطقة.
فهذا الدعم ينطلق من قناعة راسخة لدى القيادة الإماراتية بضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وترسيخ قيم الحوار والتعاون بين الأشقاء، بعيدًا عن منطق الصراع والمزايدات. إنها مقاربة تعتمد على الواقعية والحكمة، وتترجم إيمان الإمارات بأن الأمن والاستقرار لا يتحققان إلا عبر حلول توافقية تراعي مصالح الجميع.
ويعكس هذا الموقف عمق العلاقات الأخوية المتينة بين الرباط وأبوظبي، التي لم تتأثر بتقلبات السياسة الإقليمية، بل ازدادت رسوخًا على مر السنين. فالعلاقات بين المغرب والإمارات ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى عهد المغفور لهما الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، اللذين أرسيا دعائم علاقة مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون الصادق في مختلف المجالات.
على مر العقود، تطورت هذه العلاقة لتصبح نموذجًا في الشراكة العربية المتكاملة، حيث تشمل التعاون في مجالات الاستثمار والطاقة المتجددة والتعليم والثقافة والسياحة والأمن. كما يجمع البلدين تنسيق مستمر في القضايا الإقليمية والدولية، يقوم على تشاور وثقة متبادلة، بما يخدم الاستقرار في العالم العربي.
الدعم الإماراتي لمبادرة الحكم الذاتي يتكامل بشكل واضح مع الحنكة الدبلوماسية لجلالة الملك محمد السادس، الذي قاد بحكمة وبعد نظر مسار الدفاع عن مغربية الصحراء في مختلف المحافل الدولية. فقد تمكن المغرب بفضل وضوح رؤيته وواقعيته السياسية من ترسيخ مكانته كطرف مسؤول يسعى إلى حل دائم قائم على الشرعية الدولية واحترام سيادة الدول.
إن تكامل الرؤية المغربية والإماراتية في هذا الملف أسهم في توحيد الموقف العربي حول القضية، مقدّمًا نموذجًا ناجحًا للتنسيق الاستراتيجي بين بلدين يؤمنان بأن الدبلوماسية الهادئة والعمل الواقعي هما السبيل لصناعة التاريخ وبناء المستقبل.
ولا يمكن الحديث عن الدور الإماراتي دون الإشارة إلى أسلوب الشيخ محمد بن زايد في إدارة الملفات الإقليمية، حيث تتحرك دبلوماسيته بثقة وهدوء، وبمنطق الفعل لا التصريح. هذه الدبلوماسية الهادئة جعلت من الإمارات قوة توازن واستقرار في منطقة تعج بالتحديات، ورسّخت صورتها كدولة تسعى دائمًا إلى دعم القضايا العربية العادلة بروح المسؤولية.
إن ما يجمع المغرب والإمارات اليوم ليس مجرد تعاون سياسي، بل هو تحالف مبادئ ورؤية مشتركة لمستقبل عربي يقوم على التضامن والوحدة والتنمية. فحين تلتقي الحكمة المغربية والبصيرة الإماراتية، يتجدد الأمل في قدرة الأمة العربية على صناعة حلول من داخلها، تحمي مصالحها وتعيد إليها مكانتها في المشهد الدولي.
