لماذا اختارت تيسلا المغرب بدل جنوب إفريقيا؟ وما علاقة الصين بالقرار؟
تيسلا تدخل إفريقيا عبر المغرب.. قرار استراتيجي مفاجئ
في خطوة أثارت نقاشًا واسعًا، أعلنت شركة تيسلا عن افتتاح أول فرع رسمي لها في إفريقيا بمدينة الدار البيضاء، وهو ما شكّل مفاجأة، خصوصًا أن مؤسس الشركة إيلون ماسك من مواليد جنوب إفريقيا، البلد الذي يعد أكبر سوق للسيارات بالقارة.
هذا القرار طرح سؤالًا مركزيًا:
لماذا اختارت تيسلا المغرب بدل جنوب إفريقيا؟
ولماذا الآن؟ وما علاقة التوسع الصيني في إفريقيا بهذا التحرك المفاجئ؟
تسلا لا تأتي لبيع السيارات فقط… بل لمنظومة كاملة
المكتب الجديد في الدار البيضاء لن يقتصر على بيع سيارات تيسلا، بل سيشرف أيضًا على:
- خدمات الصيانة
- إنشاء شبكة شحن كهربائي
- تسويق الألواح الشمسية
- توزيع البطاريات ومنتجات الطاقة النظيفة
بمعنى آخر، تيسلا تدخل إلى إفريقيا بمنظومة طاقية وصناعية كاملة، وليس مجرد عرض سيارات فاخرة.
سوق السيارات الكهربائية في إفريقيا.. صغير ولكن ينمو سريعًا
رغم أن القارة الإفريقية باعت فقط حوالي 11 ألف سيارة كهربائية سنة 2024 (أقل من 1% من المبيعات العالمية)، فإن النمو سريع جدًا، إذ تضاعف الرقم مقارنة بـ2023.
وتسلا كما يبدو، تريد اقتسام الكعكة منذ البداية، قبل أن تستحوذ الشركات المنافسة على السوق.
الصين.. اللاعب الذي يضغط على تيسلا
التمدد الصيني القوي في إفريقيا شكّل عاملًا حاسمًا في سرعة دخول تيسلا للقارة.
فشركات مثل BYD أصبحت تسيطر على أسواق جنوب إفريقيا، وتخطط لرفع عدد وكالاتها من 30 إلى 35 وكالة بحلول 2026، إضافة إلى إطلاق آلاف محطات الشحن مع سيارات كهربائية منخفضة التكلفة مثل BYD Dolphin بسعر 18 ألف دولار.
هذه الخطوات جعلت تيسلا تشعر بأن الصين سبقتها في أهم سوق إفريقي، ما دفعها للتحرك سريعًا.
جنوب إفريقيا… سوق كبير لكنه غير مناسب لتسلا اليوم
ورغم أن جنوب إفريقيا:
- أكبر سوق سيارات بالقارة (أكثر من 515 ألف سيارة مباعة في 2024)
- أكبر مُصنّع للسيارات في إفريقيا
فإن عدة مشاكل دفعت تيسلا لتفادي دخولها في الوقت الحالي:
1. ضرائب مرتفعة على السيارات الكهربائية
- 25% ضريبة على السيارات الكهربائية المستوردة
- مقابل 18% للسيارات العادية
- ولا يوجد أي دعم حكومي للمشترين
2. أزمة الكهرباء وانهيار البنية التحتية
البلاد تعاني من انقطاعات كهربائية متكررة بسبب مشاكل "إسكوم"، مما يجعل اعتماد سيارة كهربائية غير عملي.
3. شبكة شحن ضعيفة
جنوب إفريقيا تملك 400–500 محطة شحن فقط في 2024، نصف ما يتوفر في المغرب.
4. سوق كهربائيات ضعيف الطلب
في 2024 لم تُبع سوى 1257 سيارة كهربائية في دولة يفوق سكانها 60 مليون نسمة.
باختصار: الظروف الحالية غير جذابة لتيسلا، لذلك اختارت الانتظار.
المغرب… القوة الصاعدة في صناعة السيارات بإفريقيا
في المقابل، يقدم المغرب مجموعة عوامل تجعل منه خيارًا مثاليًا لتيسلا:
1. صناعة سيارات قوية ومتطورة
- 559 ألف سيارة مصنعة في 2024
- زيادة 5% مقارنة بالعام السابق
- متوقع تجاوز 600 ألف سيارة في 2025
- المغرب أنتج في 2024 أكثر من 174 ألف سيارة من جنوب إفريقيا
وأصبح أقرب ليصبح أكبر مصنع سيارات في إفريقيا.
2. إنتاج فعلي للسيارات الكهربائية
المغرب أنتج بين 40 و 50 ألف سيارة كهربائية في 2024، عكس جنوب إفريقيا التي لا تنتج أيًا منها.
3. موقع جغرافي مثالي
قرب المغرب من أوروبا – أكبر مشتري للسيارات الإفريقية – يجعل التصدير سريعًا ورخيصًا.
4. تحفيزات حكومية قوية
- دعم شراء السيارات الكهربائية
- إعفاءات وتسهيلات ضريبية
- برامج لتطوير الطاقة النظيفة
- بيئة تشجع الشركات العالمية على الاستثمار
5. شبكة شحن هي الأفضل في إفريقيا
المغرب يمتلك أكثر من 1000 محطة شحن سنة 2024، ضعف شبكة جنوب إفريقيا.
6. استثمارات ضخمة في بطاريات السيارات
المغرب استقطب خلال 2023–2025 استثمارات تفوق 10 مليارات دولار لبناء مصانع:
- البطاريات
- السلاسل اللوجستية
- مكونات السيارات الكهربائية
ما يجعل البلاد منصة مستقبلية لإنتاج تيسلا نفسها إذا قررت إنشاء مصنع في إفريقيا.
الخلاصة: لماذا اختارت تيسلا المغرب؟
لأن المغرب يقدم اليوم ما لا تستطيع جنوب إفريقيا تقديمه:
✔ بيئة قانونية ومالية مناسبة
✔ بنية تحتية قوية للطاقة الكهربائية
✔ شبكة شحن جاهزة
✔ صناعة سيارات متقدمة
✔ استثمارات ضخمة في البطاريات
✔ موقع استراتيجي للتصدير
✔ نمو سريع في الطلب على السيارات الكهربائية
أما جنوب إفريقيا، رغم قوتها الاقتصادية، تعاني من:
✘ ضرائب مرتفعة
✘ غياب الدعم
✘ أزمة كهرباء
✘ بنية تحتية ضعيفة
✘ تباطؤ في الانتقال الطاقي
ولهذا، كان اختيار تيسلا واضحًا:
المغرب هو المستقبل، والصين هي المنافس الذي يجب الإسراع لمواجهته.
