📜 الخطاب الملكي أمام البرلمان – 10 أكتوبر 2025
الرباط – 10 أكتوبر 2025
الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله ﷺ.
أيها السيدات والسادة البرلمانيون،
نود في مستهل هذا الخطاب الإشادة بالجهود المبذولة من أجل الارتقاء بالدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، خدمةً للقضايا العليا للوطن، في انسجامٍ وتكاملٍ مع الدبلوماسية الرسمية.
وبما أن هذه السنة هي الأخيرة في الولاية التشريعية الحالية لمجلس النواب، فإننا ندعوكم إلى مضاعفة الجهود، والعمل بروح الجدية والمسؤولية، من أجل استكمال المخططات التشريعية وتنفيذ البرامج والمشاريع المفتوحة، مع التحلي باليقظة والالتزام في الدفاع عن قضايا المواطنين.
توحيد الجهود لخدمة التنمية الوطنية
لا ينبغي أن يكون هناك أي تناقض أو تنافس بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية، لأن الهدف الأسمى هو تنمية البلاد وتحسين ظروف عيش المواطنين أينما كانوا.
وفي هذا الإطار، يجب إيلاء عناية خاصة للتواصل مع المواطنين والتعريف بالمبادرات العمومية والقوانين والقرارات، خاصة تلك التي تمس حقوقهم وحرياتهم مباشرةً.
هذه المسؤولية ليست على عاتق الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية جماعية تشمل البرلمان، والأحزاب السياسية، والمنتخبين، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني، وكل القوى الحية للأمة.
تسريع مسيرة المغرب الصاعد
لقد دعونا في خطاب العرش الأخير إلى تسريع مسيرة المغرب الصاعد، وإطلاق جيلٍ جديدٍ من برامج التنمية الترابية، باعتبارها من القضايا الكبرى التي تتجاوز الزمن الحكومي والبرلماني.
بلادنا، والحمد لله، تنخرط اليوم في دينامية قوية لتحقيق عدالة اجتماعية ومجالية أكبر، تُمكّن جميع المواطنين من الاستفادة من ثمار النمو، وتعزز ثقافة تكافؤ الفرص في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن مستوى التنمية المحلية هو المرآة الحقيقية التي تعكس مدى تقدم المغرب الصاعد والمتضامن، الذي نطمح جميعًا لترسيخ مكانته بين الأمم.
العدالة الاجتماعية والمجالية: خيار استراتيجي
العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق المجالية ليست مجرد شعارات أو أولويات ظرفية، بل هي توجه استراتيجي ورهان مصيري يجب أن يحكم مختلف السياسات التنموية.
تحقيق هذا الهدف يتطلب تعبئة كل الطاقات الوطنية، وتغييرًا في أساليب العمل، وترسيخ ثقافة النتائج المبنية على معطيات ميدانية دقيقة، مع الاستفادة من التحول الرقمي والتكنولوجيا الحديثة.
جيل جديد من برامج التنمية الترابية
ننتظر وثيرة أسرع وأثرًا أقوى للجيل الجديد من برامج التنمية الترابية، التي وجهنا الحكومة إلى إعدادها، في إطار علاقات رابح–رابح بين المجالات الحضرية والقروية.
ويرتكز هذا التوجه على قضايا ذات أولوية قصوى، من أبرزها:
- تشجيع المبادرات المحلية والأنشطة الاقتصادية.
- توفير فرص الشغل للشباب.
- النهوض بقطاعي التعليم والصحة.
- تعزيز التأهيل الترابي.
وندعو الجميع من مواقعهم إلى محاربة كل الممارسات التي تهدر الوقت والجهد والإمكانات، لأنه من غير المقبول التساهل في تحسين مردودية الاستثمار العمومي.
قضايا تنموية ذات أولوية
-
الاهتمام بالمناطق الأكثر هشاشة:
إيلاء عناية خاصة للمناطق الجبلية والواحات، التي تمثل حوالي 30% من التراب الوطني، من خلال سياسة عمومية مندمجة تراعي خصوصياتها وتؤهل مواردها. -
التنمية المستدامة للسواحل الوطنية:
تفعيل قانون الساحل والمخطط الوطني للساحل، لضمان التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، في إطار اقتصاد بحري وطني يخلق الثروة وفرص الشغل. -
توسيع نطاق المراكز القروية:
دعم المراكز القروية لتكون وسيلة فعالة لتدبير التوسع الحضري، وتقريب الخدمات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية من سكان العالم القروي.
دعوة إلى تعبئة شاملة
إن السنة المقبلة ستكون حافلة بالمشاريع والتحديات، مما يستدعي من الجميع – حكومةً وبرلمانًا، أغلبيةً ومعارضة – تعبئة كل الطاقات والإمكانات، وتغليب المصلحة العليا للوطن والمواطنين.
فكونوا، رعاكم الله، في مستوى الثقة التي وضعها فيكم الشعب، وفي مستوى الأمانة الملقاة على عاتقكم، بما تتطلبه خدمة الوطن من نزاهة، وإخلاص، ونكران للذات.
قال الله تعالى:
"فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره."
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

