قناة هولندية تنجح حيث فشلت قنوات محلية.. بلاطو مغربي يلفت الأنظار في تغطية كأس إفريقيا
في خطوة إعلامية ذكية وبعيدة عن الضجيج المؤسساتي، نجحت قناة رياضية هولندية في تقديم درس عملي حول كيفية احترام البلد المستضيف للتظاهرات الكبرى، بعدما خصصت استوديو تلفزيونيا بهوية مغربية خالصة لتغطية نهائيات كأس أمم إفريقيا المقامة بالمغرب، في مشهد أعاد فتح نقاش محرج حول تعاطي بعض القنوات المحلية مع مناسبات تقام فوق أرضها.
مقاربة بسيطة.. ورسائل عميقة
القناة الهولندية Ziggo Sport لم تلجأ إلى تعقيدات الإنتاج ولا إلى استعراض تقني مبالغ فيه، بل اختارت طريقًا أكثر صدقًا ووضوحًا؛ كيف نصنع أجواء مغربية حقيقية داخل استوديو رياضي؟ الجواب جاء عمليًا، عبر تحويل البلاطو إلى صالون مغربي تقليدي متكامل التفاصيل، حيث الخشب المنقوش، والطاولات الأصيلة، واللمسات الجمالية التي جعلت من الهوية المغربية عنصرًا مركزيًا لا مجرد خلفية عابرة.
الهوية ليست ديكورًا
ما ميز التجربة الهولندية هو الابتعاد عن الفولكلور السطحي، إذ ظهرت المذيعة الرئيسية مرتدية القفطان المغربي بأناقة طبيعية، دون مبالغة أو استعراض، وكأن الزي جزء أصيل من المشهد لا وسيلة تسويقية مؤقتة.
وعلى الطاولة، غاب الروتين المعتاد من قنينات المياه والأكواب الزجاجية، ليحل محله الشاي المغربي بالنعناع، بطقوسه الكاملة، وبحضور معدّيه بلباسهم التقليدي، في رسالة ثقافية صامتة لكنها عميقة الدلالة.
موسيقى المكان.. ورسالة الانتماء
لم تكتمل الصورة دون الموسيقى، حيث اختارت القناة إيقاعات مغربية شعبية تملأ فضاء الاستوديو، بدل الموسيقى المحايدة التي غالبًا ما تفتقر لأي هوية. الرسالة كانت واضحة للمشاهد: أنت في المغرب، حتى وإن تابعت التغطية من أمستردام.
إشادة إعلامية.. وتساؤلات مشروعة
الصحفي المغربي محمد واموسي علّق على هذه الخطوة بإعجاب، معتبرًا أن ما أنجزته قناة أجنبية في وقت وجيز، عجزت عنه قنوات أخرى رغم توفرها على الإمكانيات، والميزانيات، والخبرات البشرية، في تغطيات تفتقد لأبسط إحساس بالانتماء.
أبعد من كرة القدم
تجربة Ziggo Sport تتجاوز حدود كرة القدم، لتلامس جوهر العمل الإعلامي نفسه، مؤكدة أن الإشكال لا يكمن في قلة الموارد، بل في غياب الخيال، وضعف الجرأة، ونقص الإيمان بأن الهوية ليست عائقًا أمام الحداثة، بل أحد أقوى روافعها.
هكذا، قدمت هولندا المغرب تلفزيونيًا كما هو: بثقافته، ودفئه، وخصوصيته، في وقت ما تزال فيه بعض الشاشات المحلية تبحث عن صورة بلدها داخل بلاطوهاتها.
