صفقات ضخمة وإلغاء للتأشيرة… ما وراء التقارب المتسارع بين المغرب وروسيا؟

دوكتي نيوز 🌐
0

صفقات ضخمة وإلغاء للتأشيرة… ما وراء التقارب المتسارع بين المغرب وروسيا؟


صفقات ضخمة وإلغاء للتأشيرة… ما وراء التقارب المتسارع بين المغرب وروسيا؟




شهدت العلاقات المغربية-الروسية في الأشهر الأخيرة تطوراً سريعاً ومثيراً للانتباه، توّج بإعلان موسكو إدراج المغرب ضمن لائحة الدول الإفريقية التي سيسمح لمواطنيها بدخول روسيا بدون تأشيرة لمدة تصل إلى 90 يوماً. هذا المستجد أثار تساؤلات واسعة:
هل القرار مرتبط بزيارة ناصر بوريطة لموسكو؟ لماذا اختارت روسيا هذا التوقيت بالضبط؟ وما الذي تستفيده الرباط وموسكو من هذه الخطوة؟

في هذا المقال، نُحلّل خلفيات هذا التقارب، ودوافعه الاقتصادية والسياسية، والآثار المتوقعة على البلدين.


روسيا توسّع سياسة “إفريقيا بلا فيزا”

في السنوات الأخيرة، تبنّت موسكو استراتيجية جديدة تقوم على إلغاء التأشيرات مع الدول الإفريقية، ضمن سياسة دبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحضور الروسي في القارة.

  • أكثر من 11 دولة إفريقية ترتبط اليوم باتفاقيات سفر بدون تأشيرة مع روسيا.
  • المغرب، تونس، مصر وجنوب إفريقيا أبرز الشركاء في شمال وجنوب القارة.
  • روسيا تتفاوض حالياً مع دول جديدة مثل موزمبيق وزامبيا وزيمبابوي لرفع العدد إلى 15 دولة.

هذه الخطوة ليست سياحية فقط، بل جزء من خطة روسية أوسع لإعادة التموضع في إفريقيا في ظل الأزمة مع الغرب.


لماذا تعتمد موسكو الدبلوماسية "بدون تأشيرة"؟

1. تنشيط السياحة وإعادة توجيه الروس نحو إفريقيا

بعد العقوبات الأوروبية وتعقّد دخول الروس إلى دول الاتحاد الأوروبي، فقدت موسكو وجهاتها السياحية التقليدية.
هذا جعل إفريقيا، خصوصاً المغرب ومصر وتونس، بديلاً طبيعياً ومرحباً بالزوار الروس.

2. بناء نفوذ جيوسياسي جديد

كل اتفاقية “بلا فيزا” تعتبر من منظور روسي جسراً سياسياً يعزز التقارب ويُظهر أن البلاد ليست معزولة رغم الضغوط الغربية.

3. دعم التبادل التجاري والاستثمارات

الشركات الروسية تجد في إفريقيا مجالات مفتوحة في:

  • الطاقة
  • المعادن
  • الفلاحة
  • البنيات التحتية
  • تصدير الحبوب

وهي مجالات تنافس فيها موسكو كلاً من أوروبا والصين.


لماذا المغرب بالضبط؟

1. أحد أهم الوجهات للسياح الروس

المغرب ومصر وتونس تتصدر وجهات الروس في إفريقيا، خصوصاً عبر الرحلات المباشرة:

  • 7 رحلات أسبوعياً بين الدار البيضاء وموسكو
  • رحلات مرتقبة سنة 2027 بين المغرب وسانت بطرسبورغ

هذا يجعل المغرب نقطة دخول استراتيجية للروس إلى القارة الإفريقية.

2. ارتفاع قياسي في عدد السياح الروس بالمغرب

السلطات المغربية تتوقع أن يكون عام 2025 عاماً استثنائياً من حيث عدد الوافدين الروس، الذين يختارون المغرب خصوصاً في موسم الشتاء.

3. شريك اقتصادي مهم لروسيا

التبادل التجاري بين البلدين يرتفع بشكل لافت:

  • ارتفاع بـ 30% في النصف الأول من 2025
  • قيمة المبادلات بلغت 3 مليارات دولار في 2024

أهم واردات المغرب من روسيا:

  • النفط
  • القمح
  • الفحم
  • المواد الكيميائية

أهم صادرات المغرب لروسيا:

  • المنتجات الفلاحية
  • السيارات
  • الخدمات والـ IT
  • الخشب
  • معدات طبية وبيطرية

كما تضاعفت واردات المغرب من القمح الروسي لتصل إلى مليون طن بين يوليو 2024 ويوليو 2025.


هل للقرار علاقة بزيارة وزير الخارجية ناصر بوريطة إلى موسكو؟

من الصعب اعتبار الأمر مجرد صدفة.

زيارة بوريطة لموسكو في أكتوبر 2025، ولقاؤه بوزير الخارجية سيرغي لافروف، أسفرت عن:

  • توقيع مذكرة لإنشاء لجنة عمل مشتركة لتعميق الشراكة الاستراتيجية
  • بحث تطوير السياحة والرحلات الجوية
  • مناقشة ملفات الطاقة والحبوب
  • تأكيد وجود أكثر من 4000 طالب مغربي في روسيا
  • تفعيل اتفاقيات في الصيد البحري، تسمح للسفن الروسية بصيد 80 ألف طن سنوياً في المياه المغربية

بعد أقل من شهر من الزيارة، أعلنت روسيا رسمياً إدراج المغرب في لائحة الدول المشمولة بإلغاء التأشيرة.

هذا يدل أن الزيارة لعبت دوراً محورياً في تسريع هذا المسار.


ماذا سيستفيد المغرب من الخطوة؟

1. مكاسب اقتصادية كبيرة

  • تدفق أكبر للسياح الروس
  • إنعاش الفنادق والرحلات الجوية والأسواق المحلية
  • استقطاب مستثمرين روس في قطاعات الطاقة والفلاحة

2. تعزيز موقع المغرب كقطب للسياحة الروسية في إفريقيا

المغرب يصبح منافساً مباشراً لمصر وتونس في جذب السياح الروس.

3. تقوية السياسة الخارجية المتوازنة

الرباط تُحافظ على علاقات ممتازة مع الغرب، وتطور في الوقت نفسه شراكات قوية مع روسيا، ما يمنحها استقلالية ومرونة أكبر في السياسة الدولية.


ماذا تستفيد روسيا؟

1. توسيع نفوذها في شمال إفريقيا

المغرب يتمتع بموقع استراتيجي ونفوذ اقتصادي وسياسي مهم، ما يجعل العلاقة معه مكسباً دبلوماسياً.

2. تعزيز حضور الشركات الروسية

خصوصاً في الطاقة والحبوب والأسمدة والفلاحة.

3. كسر العزلة التي يحاول الغرب فرضها

تحالفات جديدة مع دول صاعدة مثل المغرب تمنح موسكو دعماً رمزياً وسياسياً واقتصادياً.


خلاصة

التقارب المغربي-الروسي ليس حدثاً معزولاً، بل نتيجة مسار طويل من التعاون المتزايد. إلغاء التأشيرة ليس إجراءً سياحياً فقط، بل جزء من رؤية استراتيجية تشمل الاقتصاد، الطاقة، التعليم، الأمن الغذائي، والدبلوماسية.

المغرب يستفيد من تدفق الاستثمارات والسياح الروس، وروسيا تستفيد من شريك موثوق في شمال إفريقيا، في مرحلة تشهد فيها علاقاتها مع الغرب توتراً غير مسبوق.

إنها بداية فصل جديد في العلاقات بين الرباط وموسكو… فصل عنوانه: شراكة متعددة الأبعاد.




التصنيفات:

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !