قطر تُروّض صحراء الجزائر: استثمار بـ3.5 مليار دولار لإنشاء أكبر مشروع حليب في التاريخ
المقال الكامل بصياغة احترافية
قطر تُعيد رسم مستقبل الصحراء الجزائرية
استثمار غير مسبوق يشهده الجنوب الجزائري، بعدما ضخت قطر 3.5 مليار دولار لإطلاق أضخم مشروع زراعي وصناعي مخصّص لإنتاج الحليب في العالم. المشروع الذي تحوّل إلى حديث الإعلام الدولي يوصف بأنه ثورة اقتصادية ستغيّر وجه الصحراء وتضع الجزائر على أعتاب اكتفاء ذاتي تاريخي من الحليب.
الوثائقي الذي أثار الجدل كشف تفاصيل مثيرة حول تعاظم النفوذ الاستثماري لقطر في الجزائر، وكيف تحوّلت العلاقة بين البلدين من تنسيق سياسي إلى تحالف اقتصادي واسع خلال السنوات الأخيرة.
تحالف الغاز… من باطن الأرض إلى السطح
الجزائر، التي تمتلك 159 تريليون قدم مكعب من احتياطي الغاز وتجري تصنيفها ضمن أكبر المصدّرين عالمياً، أصبحت شريكاً محورياً لقطر، الدولة الأولى عالمياً في إنتاج الغاز المسال.
وللمرة الأولى، تدخل شركة عربية – قطر للطاقة – مجال الاستكشاف الطاقي بالجزائر، في خطوة اعتبرها الخبراء «تاريخية» ورسالة واضحة للغرب بأن العرب قادرون على إدارة مواردهم الاستراتيجية بعيداً عن الهيمنة التقليدية.
كما يشكّل التعاون داخل منتدى الدول المصدرة للغاز منصة قوية تُعزز قدرة البلدين على التأثير في سوق الطاقة العالمي.
استثمارات تتجاوز الطاقة نحو الأمن الغذائي والصناعي
لم يقتصر الحضور القطري على الغاز، إذ شمل قطاعات استراتيجية مثل:
1. الحديد والصلب
مشروع الجزائر–قطر للحديد والصلب في بلارة يُعد من أكبر المصانع في شمال أفريقيا، ويهدف إلى تغطية احتياجات الجزائر وتقليل الاستيراد وتعزيز الاستقلال الصناعي.
2. السياحة
قطر تموّل مشاريع فنادق ومنتجعات فاخرة لتعزيز القطاع السياحي.
3. الاتصالات
استثمارات في تطوير البنية الرقمية الجزائرية.
وبإجمالي يفوق 5 مليارات دولار، أصبحت قطر أكبر مستثمر عربي في الجزائر، والأرقام مرشحة للارتفاع مع توسع المشاريع.
أكبر مشروع حليب في العالم… من قلب الصحراء
الرهان الأكبر يتمثل في مشروع "بلدنا الجزائر"، وهو مشروع قطري–جزائري ضخم يهدف إلى إنهاء أزمة الحليب التي تثقل كاهل الجزائر بسبب الاعتماد على الاستيراد.
أبرز أرقام المشروع:
- قيمة الاستثمار: 3.5 مليار دولار
- المساحة: 117 ألف هكتار في ولاية أدرار
- عدد فرص العمل: 5000 وظيفة مباشرة
- الهدف السنوي: 194 ألف طن من الحليب المجفف
- نسبة التغطية: 50% من الاستهلاك الوطني
- موعد بدء الإنتاج: 2026
- مدة الإنجاز الكاملة: حتى 2032
المشروع يتضمن:
- مزارع شاسعة لإنتاج الأعلاف
- استقدام سلالات أبقار أمريكية عالية الإنتاج
- مصنع عملاق لتحويل الحليب إلى مسحوق
- بنية تحتية كاملة تحول الصحراء إلى واحة إنتاج زراعي وصناعي
لماذا الصحراء الجزائرية تحديداً؟
يختار المشروع عمق الصحراء لسبب رئيسي:
الموارد المائية الجوفية الهائلة في الجنوب، والتي تمثل أساس زراعة الأعلاف وتربية الأبقار على نطاق ضخم.
إضافة إلى ذلك، يهدف المشروع إلى:
- خلق أقطاب اقتصادية جديدة بعيدة عن الشمال المكتظ
- نقل الخبرة القطرية في الأمن الغذائي التي جعلت الدوحة تحقق اكتفاء ذاتياً خلال سنوات قصيرة
- تعزيز التنمية في مناطق مهمّشة تاريخياً
رهان استراتيجي طويل الأمد
يُجمع الخبراء على أن المشروع لا يستهدف الربح السريع، بل يُعد رهاناً استراتيجياً للأمن الغذائي للجزائر والمنطقة، واستثماراً طويل الأجل يعكس الثقة الكبيرة بين البلدين.
ومع بدء تنفيذ العقود بقيمة تتجاوز 500 مليون دولار في مرحلته الأولى، أصبح المشروع واقعاً يتحرك على الأرض، مع بنية تحتية تتشكل يوماً بعد يوم في صحراء أدرار.
خلاصة
ما تقوم به قطر في الجزائر ليس مجرد مشاريع اقتصادية، بل تحالف استراتيجي يعيد رسم ملامح المنطقة. ومع مشروع الحليب العملاق، تدخل الجزائر مرحلة جديدة من الأمن الغذائي، فيما تُثبت قطر أنها لاعب اقتصادي مؤثر يمتد نفوذه من الخليج إلى شمال أفريقيا.
